عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
((أقيموا الصف في الصلاة؛ فإن إقامة الصف من حسن الصلاة))؛ متفق عليه.
في الحديث الأمر بتسوية الصفوف، وهي من سنة الصلاة عند أبي حنيفة والشافعي ومالك، وزعم ابن حزم أنه فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن تسوية الصف من تمام الصلاة))، فإن قلت: الأصل في الأمر الوجوب، ولا سيما ما فيه الوعيد على ترك تسوية الصفوف، فدل على أنها واجبة، قلت: هذا الوعيد من باب التغليظ والتشديد؛ تأكيدًا وتحريضًا على فعلها، كذا قاله الكرماني، وليس بسديد؛ لأن الأمر المقرون بالوعيد يدل على الوجوب، بل الصواب أن يقول: فلتكن التسوية واجبة بمقتضى الأمر، ولكنها ليست من واجبات الصلاة؛ بحيث إنه إذا تركها فسدت صلاته أو نقصتها، والحديث يدل أن إقامة الصفوف سنة مندوب إليها، وليست بفرض؛ لأنه لو كانت فرضًا لم يقل - عليه السلام -: ((فإن إقامة الصفوف من حسن الصلاة))؛ لأن حسن الشيء زيادة على تمامه، وذلك زيادة على الوجوب، ودل هذا على أن قوله فى حديث أنس: ((فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)) أن إقامة الصلاة قد تقع على السنة كما تقع على الفريضة.
وقد ذكر العلماء في معنى إقامة الصلاة أمورًا:
أحدها: حصول الاستقامة والاعتدال ظاهرًا، كما هو المطلوب باطنًا.
ثانيها:لئلا يتخللهم الشيطان, فيفسد صلاتهم بالوسوسة.
ثالثها: ما في ذلك من حسن الهيئة.
رابعها: أن في ذلك تمكنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم, فإذا تراصوا وسع جميعهم المسجد, وإذا لم يفعلوا ذلك ضاق عنهم.
خامسها: ألا يشغل بعضهم بعضًا بالنظر إلى ما يشغله منه إذا كانوا مختلفين, وإذا اصطفوا غابت وجوه بعضهم عن بعض، وكثير من حركاتهم، وإنما يلي بعضهم من بعض ظهورهم.
فتوى:
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - عن قوم لا يسوون الصفوف في الصلاة، ويتركون ثغرات بينهم
فأجاب بقوله:
عدم تسوية الصفوف وترك ثغرات خطأ عظيم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتسويتها والتراص فيها، والله أعلم.